مَرحَباً يا أصدقائي.
هل أنتم جَيِّدُون في اللغةِ العربيّةِ؟
حَسَناً.
هل تَعرِفُونَ الفعلَ والفاعلَ؟ لا أشُكُّ أنَّكُم تُتقِنُونَ دَرسَ الفعلِ والفاعلِ، وتَعلَمُونَ أنَّهُ لا يُوجَدُ فِعلٌ دُونَ أن يكونَ لَهُ فاعلٌ.
هل حَدَثَ يَوماً أن فَتَحتُم دفاتركم البيضاءَ الجميلةَ ووجدتم أنّ الواجبَ مَكتُوبٌ ومَحلولٌ من نَفسِه؟
طَبعاً لا يُمكِنُ ذلك دون أن يَتِمّ ذلك الفِعلُ دونَ (فاعلٍ).
هل رَأيتُم البنّائين الذين يَبنُونَ الجُسُورَ والعِماراتِ العاليةَ؟
هل تَتَخَيَّلُونَ أنّ الحجارةَ والإسمنتَ والماءَ والحديدَ اجتمعت من تِلقاءِ نَفسِها وخُلط بَعضُها مع بعضٍ وكَوَّنَت جُسُوراً وعِماراتٍ دُونَ وُجودِ مهندسين وعُمّالٍ؟
طَبعاً لا، وإلاّ سَيَكُونُ الأمرُ مُرِيحاً جِدّاً لنا.
هل نَظرتُم إلى السَّماءِ اليَومَ؟
هل تَعتَقِدُونَ أنّ السَّماءَ بُنيت ورُفعت من نَفسِها دُونَ أن يكونَ هناك من خَلقَها ورَفعَها وأبقاها كلَّ هذه السِّنينَ الطِّويلةِ دُونَ أن تَسقُطَ؟
كلُّ هذا الكلامِ يا أصدقائي يدعونا للتَّفَكُّرِ في خَلقِ هذا الكونِ الرّائعِ العجيبِ، فوُجودُ هذا الكونِ إمّا أن يَكُونَ أزليّاً بلا مُوجِدٍ لَهُ، أو أن يَكُونَ مَخلُوقاً من قِبلِ خالقٍ، ولا يُمكِنُ أن يَكونَ أُوجِدَ فجأةً بلا خالقٍ.
فلو كانَ الكَونُ أزليّاً وموجوداً مُنذُ اللانهايةِ لكنّا الآنَ في سُكُونٍ عشوائيٍّ، وهذا مُخالِفٌ للواقعِ، فلا بُدَّ لهذا الكونِ من خالقٍ هو اللهُ، وهذا الخالقُ يَختَلِفُ بصِفاتِهِ عن صِفاتِ هذا الكونِ.
سُبحانَهُ، لَيسَ كَمِثلهِ شَيءٌ، وهو السَّمِيعُ العليمُ.